البيان الافتتاحي
” الخلفة قراركم .. الرعاية حقي “
يُعتبر تخلي الأبوين عن أطفالهما وهجرانهم أحد أشد الجرائم تأثيرًا وأكثرها تجاهلاً، ويمثل تحديًا معقدًا ضمن تحديات القضايا الاجتماعية، ووفقًا للأمم المتحدة، يُعرف هجران الأطفال بأنه “ترك أحد الأبوين للمنزل العائلي والتخلي عن الواجبات الأبوية أو الولاية القانونية، ترك الزوج لزوجته الحامل، إهمال احد الوالدين للأولاد بحيث يعرض صحتهم وأمنهم للخطر.
بينما حاول القانون المصري توفير الحماية لأطفالنا وحماية حقوقهم/ن، فإنه لم يعترف بجريمة هجران رب الأسرة لمنزل الزوجية او إخلاله بالتزامات الرعاية الأبوية، كجريمة قائمة بذاتها ، ويظل الطفل في هذه الحالة تحت رعاية التشريعات التي تنظم النفقة المعيشية للأم فقط كما يمنح القانون الحق للأم في الانفصال والطلاق نتيجه الهجران في حالة العلاقات الرسمية، وفيما عدا احكام النفقة لا توجد أية مسئولية قانونيه على الزوج في أن يهجر الزوجة وطفلها دون رعاية أو تحمل عبء التربية ومسئوليات الأبوة الواجبه عليه والتنصل من كل التزام واجب عليه.
وهناك أوجه عديدة لجريمة الهجران، فقد يكون هجر العائلة ماديًا أو معنويًا، ويتمثل الهجران المادي في الإخلال بواجبات الإنفاق على العائلة مما يعرض أمنها واستقرارها للخطر لعدم حصولها على متطلبات الحياة الأساسية ، وقد يكون الهجران معنويًا ويتمثل في الإخلال بواجبات التربية والرعاية النفسية والعاطفية لأفراد العائلة وخاصة الأطفال والطفلات.
على مدار الثلاث السنوات الماضية رصد مرصد جرائم العنف الموجه ضد النساء والفتيات الصادر عن مؤسسة إدراك تزايد في أعداد الطفلات والأطفال الذين تم هجرهم حيث سجل المرصد 8 حالات عام 2022 و13 حالة عام 2023 مقابل 9 حالات في النصف الاول من العام الحالي 2024، فضلا عن أن الهجران لا يٌجرم قانونيًا وبالتالي لا يبلغ عنه وفق الإجراءات القضائية التي تساهم في حصر هذه الجريمة.
وعلى هذا النحو قامت المؤسسة بإعداد دراسة تحت عنوان هجران الأطفال والطفلات في مصر تحديات قانونية واجتماعية، نستعرض من خلالها دوافع وأسباب الهجران والأثار المترتبة عليه، والتحديات المختلفة المرتبطة به.
وايمانًا بأن هذه القضية تتداخل وتتقاطع مع مشكلات أخرى مثل الأطفال مجهولي النسب، الاتجار بالبشر، العنف القائم علي النوع، زواج القاصرات، وغيرها من المشكلات ذات الصلة بقضية هجران الطفلات التي تكون أحد أسبابها او ناتجه عنها، وفي ضوء الأثار المترتبة علي هذه الجريمة والتي يتحمل تبعاتها الأطفال/الطفلات بجانب الأم.
فإننا نؤكد من خلال حملتنا ” الخلفة قراركم .. الرعاية حقي” على الحاجة الملحة لتسليط الضوء على هذه الإشكاليات ومعالجتها ضمن الإطار القانوني وما اذا كانت هناك حاجة ملحة لوجود نص يجرم الهجران فى ظل التشريعات المقارنة للدول الأخري التي اتخذت نهج ايجابي في هذا الصدد ، وتحديد أوجه الحماية والرعاية المقررة للطفل فى هذا الصدد، واستعراض الأسباب الجذرية للمشكلة وتداعياتها الخطيرة.
ندعو جميع المعنيين والمهتمين، للانضمام إلى حملتنا ودعم جهودنا لتحسين حياة الأطفال/الطفلات في مصر، وضمان أن ينمو كل طفل/ة في بيئة آمنة تحمي حقوقه وتعزز من فرص الحياة العادلة.